الطواف حول الكعبة هو أحد أعظم مناسك الحج والعمرة، وهو شعيرة تعبر عن حب المسلمين لله وتجديد العهد بعبادته وحده لا شريك له، يرتبط هذا النسك بمكانة الكعبة المشرفة بيت الله الحرام، أول بيت وُضع للناس لعبادة الله، والذي بناه النبي إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام استجابة لأمر الله، كما قال تعالى:
{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ…} (البقرة: 127).
كيفية أداء الطواف:
النية: يبدأ الطواف بتجديد النية في القلب بأن هذا الطواف عبادة خالصة لله عز وجل.
الطهارة: يجب أن يكون المسلم على طهارة كاملة (وضوء) قبل الشروع في الطواف.
عدد الأشواط: الطواف يتكون من سبعة أشواط حول الكعبة المشرفة، يبدأ من الحجر الأسود وينتهي عنده.
الاتجاه: يتحرك الحاج او المعتمر عكس اتجاه عقارب الساعة، بحيث تكون الكعبة على يساره طوال الطواف.
التكبير والدعاء: يبدأ الطواف بتقبيل الحجر الأسود أو الإشارة إليه مع التكبير، ويمكن الدعاء بأي أدعية مأثورة أو خاصة بالحاج والمعتمر أثناء الطواف، ويُستحب الإكثار من الذكر والتسبيح والدعاء خلال الأشواط السبعة.
الركن اليماني: إذا مرّ الطائف بالركن اليماني، يستحب استلامه باليد دون تقبيل، يُقال بين الركن اليماني والحجر الأسود:”ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار”.
الصلاة بعد الطواف: بعد الانتهاء من الطواف، يُستحب صلاة ركعتين خلف مقام إبراهيم، كما فعل النبي ﷺ، مع قراءة سورة “الكافرون” في الركعة الأولى وسورة “الإخلاص” في الركعة الثانية.
توقيت الطواف وترتيبه بين المناسك:
- طواف القدوم: يُؤدى عند دخول مكة لأول مرة، وهو سنة للمفرد والقارن.
- طواف الإفاضة: يُؤدى بعد رمي جمرة العقبة الكبرى يوم النحر (10 ذي الحجة) وهو ركن أساسي من أركان الحج.
- طواف الوداع: يُؤدى عند انتهاء مناسك الحج وقبل مغادرة مكة، وهو واجب على كل حاج إلا الحائض والنفساء.
- طواف العمرة: يُؤدى مباشرة بعد الإحرام عند وصول المعتمر إلى مكة.
في الحج: يأتي طواف الإفاضة بعد رمي جمرة العقبة الكبرى وذبح الهدي والحلق أو التقصير.
في العمرة: الطواف هو الركن الأول بعد الإحرام، يليه السعي بين الصفا والمروة.
الحكمة من الطواف:
الوحدة بين المسلمين: الطواف يُظهر وحدة الأمة الإسلامية، حيث يطوف المسلمون حول الكعبة في صفوف متحدة وباتجاه واحد.
إعلان التوحيد: يمثل الطواف تجديداً للعهد مع الله بأن العبادة لله وحده.
التواصل الروحي: يشعر المسلم أثناء الطواف بالقرب من الله، وتزداد روحانيته كلما استشعر عظمة المكان والعبادة.
مكانة الكعبة في قلوب المسلمين: جعل الله الكعبة المشرفة مركزاً للأمان والطمأنينة، ومثابةً للناس تجتمع فيها القلوب قبل الأبدان، استجابة لدعاء النبي إبراهيم عليه السلام:{فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} (سورة إبراهيم: 37)،
فلا تملّ الأرواح من زيارتها، بل تزداد شوقاً مع كل مرة تراها.
الطواف ومكانته في الحج والعمرة:
قال النبي ﷺ:”الحج عرفة والطواف بالبيت” (رواه الترمذي)، فالطواف ليس مجرد عبادة، بل هو رمز للتقرب إلى الله، وإعلان للوحدة والتضامن بين المسلمين، وتجسيد لمعاني العبودية الخالصة.